ليس الإنسان فقط بما استطاع تحقيقه من إنجازات ترصدها الأعين، وتجلب له التقدير، إنما الإنسان أيضًا بما يستطيع أن يقاوم، هذا التعب الذي فيه والذي لا يدري عنه إلا القليل من الناس، أو لا يدري عنه أحد إلا الله، هذا التعب الداخلي الذي فيه كي يزيح الصخرة الثقيلة من عند فوهة الكهف كي يخرج، عيوبه العريقة التي يقاومها، عاداته السيئة، الظروف التي فرضت عليه ويقاوم أثرها فيه، أوجه الاختلاف والتنافر بينه وبين المقربين منه، التي يحاول معها ويسدد ويقارب ويقاوم كي يصنع الصيغ المناسبة للعيش والرضا بدلًا من أن يقفز من فوق المركب، مخاوفه التي يجاهدها كي لا تعوقه عن التقدم، عقده وإحباطاته، حتى مقاومته النبيلة لسوء توقعاته الناتج عن سيرته في الحياة بما فيها من إخفاقات، أي رفضه لأن يقول لنفسه إنني سأخسر هذه المرة مثلما خسرت عدة مرات، ويقرر أن يعطي نفسه فرصة جديدة بكامل وعيه، إن هذه المقاومة هي شرف الإنسان مثل الإنجازات، وأحيانًا ما تتفوق من ناحية الشرف على كل الإنجازات. -محمود توفيق.