عبارات وخواطر

أنا متعب، متعبٌ جدًا، ذاك التمايلُ بين الأمل و اليأس، الفرحِ و الحزن، المقاومة و الاستسلام، أنصافُ الأشياءِ هذه قد سلبت مني كل قواي. فلا أنا أتمسك كما ينبغي فأحصل، و لا أتخلى كليًا فأخسر. دومًا في المنتصف، عالقٌ بين كليهما، حيثُ لا عذر بالجهل، فأنت تعلمُ جيدًا طرفي المعادلة، ذُقت كليهما و عرفت؛ لكنك أضعفُ من أن تنتصر، و أقوى من أن تستسلم. معذبٌ بالاضطراب، مربوطٌ بحبالٍ شتى، مشدودٌ من كلِ طرف، و ما إن يجذبك طرفٌ أكثرُ من البقية، و تظن أنك ارتحت؛ يشدك آخر بقوةٍ أكبر، فتذهبُ إلى هناك، و هكذا مترنحٌ بينهم كالسكارى، و العمرُ يمر، و الأحبابُ يعتادون. عجزك عن الحضور، نوباتُ حزنك المفرطة، انقطاعك عن الحياة، ثم عودتك، فلم يعد الهاتف يرن في اليوم الأول، تزحزح التوقيت حتى لم يعد يرن بالأساس، و حين تعود و تخبرهم بتّ تسمع منهم “ العادي يعني، صارَ هذا عاديك يا فتى، اعتادوه، لكنك لم تعتده حتى و إن ظننت ذلك، ذلك الألمُ الذي تشعرُ به الآن في صدرك ينفي اعتيادك، قلّ بلى لكن لم يختفي، لم يزل مؤلمًا، لم تزل تبكي، و يكاد رأسك ينفجر فلازلت تدور في نفس الدائرةِ منذ أعوام. كلٌ يوصلك إلى الآخر، أنتَ لم تأتي في موعدك يومًا، و لم تتوقف عن المجيء كذلك، متأخرٌ أبد الدهر، فتذوقُ من كلِ حلاوةٍ آخرها؛ ثم تنسيك إياها مرارةُ الندم على تفويتها، -الندم- حُشرت هاهنا يا صغيري، و لن أقولَ لا تعلمُ للخروج سبيل، بل تعلم، لكنك لا تملك القوةَ الكافية، فإلى متى؟ أخاف عليك وحش التعوّد، إنه يلتهمُ الجميع، و قد أوشك على التهامك. و أخشى عليك الوحدة، مع مثلِك لا أحدَ يبقى، جميعهم يملون و يرحلون، حتى ذاك الذي تراهن عليه سيرحل يومًا ما، فأنتَ ذاتك تاتيك فكرةُ الرحيل عنك في اليوم ألف مرة. لكنك تعلمُ أنك لن تفعل، ستنهض من جديد و تجمع شتاتك؛ و فور أن تحسب أن كل شيء قد صار على ما يرام؛ تضعف و تسقط و تنهار، تتبعثر كرمادٍ في يومٍ عاصف، فتتألم و تبكي. تفكرُ في الرحيل، لكن لن تفعل فأنتَ أضعفُ من أن تنتصر، أقوى من أن تستسلم، ستظل دومًا متعب، متعبًا جدًا.

تم النسخ
احصل عليه من Google Play