#قصه الجمل حامل الجثمان.. تحدث البدو القاطنون في صحاري حضرموت، عن جمل أحدب، يحمل على ظهره جثة إنسان تقطر ماء ً أسود، وشهد برؤيته العديد من الناس يشق طريقه على مقربة من السواحل، ورأوه يمرق الطرقات بين المدن والقرى في رحلة سرمدية لا نهاية لها، يظهر في الليالي المقمرة، ودائماً ما تتم رؤيته عند اكتمال القمر، ولم يستطع أحد أن يمسك به، لأنه قد يأخذ حياتك إن صادفته هائجاً.. يقال قبل أعوام طويلة كان هناك ساحر ملعون يعمل بالسحر الأسود الخطير، الذي تعلمه من جان بئر برهوت الملعونة التي تقع في صحراء حضرموت، وقد قدّم هذا الساحر كل الأضحيات للشياطين، حتى أنه رمى بأطفاله أحياء في قعر بئر برهوت المفزعة، كقربان لحراسها من الجان، وهذا ما جعل زوجته تتعهد على نفسها بالانتقام منه، لأنه أحرق قلبها حين ضحى بأطفالها الخمسة لكسب ود الشياطين، فذهبت إلى شيخ ذي علم ومعرفة بالقرآن وأحوال الجان، فطلبت منه المساعدة، وبالفعل وافق على مساعدتها، فأعطاها قبضة من تراب قد خالطه بشيء مما عنده من رقية ضد السحر، وأخبرها أن تنثره على جسد زوجها الساحر، فيتوقف جسمه عن الحركة وتتعطل كل حواسه، وعليها أن تستخرج قلبه حتى لا تعود له الحياة مرة أخرى. وحين عادت رأته نائماً، فنثرت ذلك التراب عليه، فغاب عن وعيه، فشقت صدره وأخرجت قلبه، فوجدته قلباً أسودا قاسياً كالحجارة، ثم حملت الجثمان على بعير وساقته إلى بئر برهوت في ليلة مقمرة، وهناك رمت به في جوف البئر التي لا قعر لها وماؤها أسود نتن كما ذكر في الأثر والأحاديث.. عادت المرأة وقد شفي غليلها وأرتاح قلبها بعد أن نفذت انتقامها، ومرت سنين طويلة وظن الناس كل شيء انتهى من أمر ذلك الساحر. في ليلة قد سطع فيها القمر، أفاق الناس في منتصف الليل على صراخ فلاح كان يسقي زرعه تحت ضوء القمر، وحين أدركوه وجدوه بلا ذراع وهو ينزف دماً، سألوه من فعل بك ذلك؟ فأجاب: أنه الجمل حامل الجثمان، رأيته يقترب مني وهو هائج وعلى ظهره جثة إنسان بلا ذراع، فقضم ذراعي وغادر.. في نفس تلك الليلة تحدث بعض البدو أن جملاً قد مر أمام خيامهم يحمل جثة إنسان، ولم يعتد عليهم فمر بهم مرور الكرام. وتحدثت قافلة كانت تمرق صحراء حضرموت أنهم شاهدوا بعد الفجر جملاً يحمل جثمانا على ظهره تقطر من مياه سوداء، وأن أحد ذراعي الجثة تختلف عن الأخرى. ويبدو أن جن بئر برهوت قد أخرجوا جثة الساحر من البئر بعد زمن طويل وقد شربت من مائها الأسود، فلذلك تقطر ماءً أسود، ثم وضعوا جثمانه على بعير يبحثون عن قلبه ليعيدوه إلى الحياة، وعندما تفقد الجثة عضواً من أعضائها يعوضونها حالاً بعضو أي إنسان يصادفونه، فهناك قصص كثيرة عن أشخاص اُستخرجت أعينهم وأنوفهم وحتى أحشائهم وأرجلهم من قبل الجمل حامل الجثمان الذي تقوده الجن للبحث عن القلب المفقود، لكن لا يمكنهم استبدال القلب بقلب آخر، لأن قلب الساحر لا يشبه قلوب باقي البشر.. يقال أن زوجة الساحر قد احتفظت بقلب زوجها معها طوال حياتها، ثم أوصت بأن يُدفن القلب معها في قبرها، وأن يكون قبرها مجهولاً لا يعرفه أحد غير الشيخ الذي دفنها بنفسه ولوحده..