قصة وعبرة ❤️❤️ أَغْنَى رَجُلٍ وَقَفَ رَجُلٌ ثَرِيٌّ في شُرْفَةِ قَصْرِهِ وأَخَذَ يُرَدِّدُ: أنَا أَغْنَى رَجُلٍ فِي القَرْيَةِ. وأثْنَاءَ ذَلكَ شَاهَدَ البُسْتَانِيَّ العَجُوزَ المُبْتَسِمَ دَائِمًا يُمْسِك بِرَغِيفِ خُبْزٍ وقِطْعَةِ جُبْنٍ لِكَيْ يَأْكُلَ بَعْدَ عَمَلٍ شَاقٍّ فِي حَدِيقَةِ الثرِيِّ، فَحَيًّاهُ الثرِيُّ، وسَأَلَهُ: لِمَاذَا أَرَاكَ مَسْرُورًا؟ فَقَالَ البُسْتَانِيُّ: إنِّي أَشْكُرُ اللَّهَ علَى عَطَايَاهُ الدَّائِمَةِ لِي. تَعَجَّبَ الثرِيُّ وسَألَهُ: علَى أيِّ شَيءٍ تَشْكُرُهُ؟ على الخُبْزِ وقِطْعَةِ الجُبْنِ؟ قَالَ البُسْتَانِيُّ: نَعَمْ يا سيِّدِي، فَقَدْ وَهَبَنِي اللَّهُ طَعَامًا يَمْلَأُ مَعِدَتِي وثَوْبًا أَرْتَدِيهُ وسَرِيرًا أنَامُ عَلَيْهِ، وسَقْفًا فَوْقَ رَأْسِي، ثمَّ قَالَ للثَّرِيِّ: لَقَدْ حَلُمْتُ بالأَمْسِ أَنَّنِي ارْتَفَعْتُ للسمَاءِ ورَأَيْتُ الجَنَّةَ بِجَمَالِهَا، وسَمِعْتُ صَوْتًا يَقُولُ: أَغْنَى رَجُلٍ فِي القَرْيَةِ يَمُوتُ الليْلَةَ، ثمَّ سَمِعْتُ المَلائِكَةَ يُسَبِّحُونَ ويَسْتَغْفِرُونَ. أَصْبَحَ وَجْهُ الثَّرِيِّ شَاحِبًا، وتَسَلَّلَ لِحُجْرَتِهِ وارْتَمَى علَى كُرْسِيٍّ وهوَ يُرَدِّدُ: أَغْنَى رَجُلٍ في القَرْيَةِ يَمُوتُ الليلَةَ!! هلْ هَذَا حُلْمًا أمْ رُؤيَا إلَهِيَّةً لِشَيْخٍ تَقِيٍّ؟ وفِي المَساءِ شَعُرَ البُسْتَانِيُّ بِارْتِفَاعٍ فِي دَرَجَةِ حَرارَتِهِ، فَأَخَذَ يُنَاجِي رَبَّهُ وقَدِ امْتَلَأَ وجْهُهُ بَهْجَةً، وعنْدَمَا زَادَ مَرَضُهُ أَسْرَعَ زميلُهُ بِاسْتِدْعَاءِ طَبِيبٍ، وبَيْنَمَا كانَ الطبِيبُ يُلَاطِفُهُ رَوَى البُسْتَانِيُّ للطبِيبِ الحُلْمَ الذِي رَآهُ، فَضَحِكَ الطبِيبُ وقَالَ لَهُ: لَا تَخَفْ، فَإِنَّ صِحَّةَ أَغْنَى رَجُلٍ فِي القَرْيَةِ سَلِيمَةٌ ولَنْ يَمُوتَ الليلَةَ. وفي سَاعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنَ الليْلِ وَجَدَ الثرِيُّ عَامِلًا يَقُولُ لَهُ: لَقَدْ مَاتَ البُسْتَانِيُ. ذُهِلَ الثرِيُّ لِمَا حَدَثَ، وأَخَذَ يُرَدِّدُ وهوَ يَبْكِي: لَقَدْ كَانَ البُستَانِيُّ فِي نَظَرِي فَقِيرًا، لَكِنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ أَغْنَى رَجُلٍ فِي العَالَمِ، كَانَ غَنِيًّا بإِيمَانِهِ وتَقْوَاهُ، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّنِي أَغْنَى رَجُلٍ، لَكِنَّنِي اكْتَشَفْتُ مَنْ هوَ الغَنِيُّ الآنَ، لَقَدْ صَدَقَ اللهُ فِي قَوْلِهِ: إنَّ أَكْرَمَكُمْ عنْدَ اللهِ أتْقَاكُم، تُبْتُ إليْكَ يا اللهُ، فَسَامِحْنِي واعْفُ عَنِّي. وفي الصباحِ تَصَدَّقَ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ للْفُقَرَاءِ واليَتَامَى والأرَامِلِ، وطَلَبَ مِنْ أهْلِ قَرْيَتِهِ أنْ يُسَامِحُوهُ، وأَصْبَحَ يَقْضِي مُعْظَمَ وَقْتِهِ دَاخِلَ المَسْجِدِ.