إسلامية

سألت يومًا سائق أجرةٍ: هل تصلي؟ قال: لا. قلت له: سبحان ﷲ! قد استدعيتك بإشارةٍ واحدةٍ من يدي، فأجبتني من فورك، وأركبتني عربتك، وتلطَّفت بي، وأنت لا تعرفني؛ ما هذا كله إلا ابتغاء الجنيه. خالقك الذي جاء بك من العدم لسعادتك في الدنيا بالعبادة وفي الآخرة بالجنة، تبقى في هذه هنا حتى تلقاه محفوظًا من ضَنْك الناس والدنيا، وفي تلك هناك خالدًا فيها أبدًا؛ يستدعيك كل يومٍ خمس مراتٍ بعشر تكبيراتٍ في كل أذانٍ وإقامةٍ، تقول لك كل تكبيرةٍ: ﷲ أكبر منك ومن كل شيءٍ تُشقي نفسك بأنواع الإشقاء لأجله، لا يستدعيك ليستكثر بك من قِلَّةٍ، ولا ليستعز بك من ذِلَّةٍ؛ بل كان أول شيءٍ قاله بعد قوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ؛ أن قال: مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ؛ ليُعْلِم الخلق كلهم أنه لا يطلب أحدٌ غيرُه في الوجود كله شيئًا منهم إلا لمصلحةٍ له، ما حاشا ﷲ؛ فإنه لم يطلب العبادة منهم إلا لمصالحهم هم في الدارين، تعالى ﷲ أن يُنال بنفعٍ أو ضُرٍّ شيئًا. هذا الرب الأكبر الأكرم يستدعيك كل يومٍ خمس مراتٍ -وانظر كم توالت عليك أيامٌ في أعوامٍ يستدعيك فيها آلاف المرات- وأنت لا تجيب! كم يَغُرُّ حِلم ﷲ! دمعت يومئذٍ عينا السائق، ووعدني خيرًا؛ فاللهم اهدني وإيَّاه وثبتنا تثبيتًا. الشيخ حمزة السيد

تم النسخ
احصل عليه من Google Play