قصص وعبر

مزارع قديم كان يملك أعداداً هائلة من النخيل.. وكانت من بينها نخلة يحبها ويغليها ويحسده أهل القرية على جودة تمورها. وخلال عامين متتاليين سطا عليها لص يسرقها قبل ليلة واحدة من موعد قطافها. وبسبب دقة توقيت السارق ، أيقن أنه أحد جيرانه الذين يتجمعون لديه كل ليلة لشرب القهوة. وفي السنة التالية تعمد الحديث عن سرقة النخلة ، وكرر على مسامعهم أنه سيجنيها في اليوم الفلاني وكرر الموعد أكثر من مرة وقبل حلول الموعد بليلة جهز بندقيته وبات خلف ربوة صغيرة في مزرعته بانتظار السارق ليرديه قتيلاً.. ولم يطل انتظاره كثيراً ؛ فقد حضر رجل يتوكأ على عصاه لم يتبين ملامحه في البداية.. ولكن حين اقترب أكثر أصيب بالذهول والصدمة ، إذ لم يكن غير جاره الأعمى «أبو سعد ». ومن فرط الفضول تخلى عن بندقيته وقرر البقاء ليرى كيف يمكن لرجل أعمى أن يسرق نخلة باسقة الطول. أما أبو سعد فتحسس طريقه نحو النخلة ، وأخرج حبلاً لفه حولها ، ثم ربطه خلف ظهره بحيث أصبح هو والجذع ضمن دائرة الحبل ، وبدأ يتسلق بالطريقة التقليدية المعروفة. واستمر بالصعود حتى اصطدم رأسه بسعف النخلة فعرف أنه وصل إلى القمة ، فأخذ يقطع عراجين التمر ويرميها على الأرض. وحين انتهى ، نزل بالطريقة نفسها ، وجمع الغلة وذهب إلى بيته. عندها استخسر فيه المزارع ثمن الرصاصة وخسارة سمعته بقتل رجل أعمى ، فقرر الانتقام منه بطريقة ماكرة. وهكذا كتم حقده سنة كاملة حتى حان الموعد من العام القادم ، فتحدث أمام أبو سعد عن موعد القطاف وقال : عسى أن تسلم النخلة هذا العام من سارقها. وفور حلول الظلام سبق جاره الأعمى إلى نخلته العزيزة ، وقطع رأسها بنفسه ، فأصبحت جذعاً بلا رأس ، ثم ذهب إلى بيته ونام ملء جفنيه. وفي صباح اليوم التالي خمنوا ماذا حصل تسلق الأعمى النخلة بطريقة لف الحبل المعروفة ، وأخذ يصعد ويصعد حتى خرج الحبل من أعلى الجذع حيث لا سعف في الأعلى يوقفه فسقط على قفاه ميتاً فعرفه كل الجيران!! وعجبت أكثر ما عجبت من طول صبره ، وكتمان سره ، وحسن استقباله لأبي سعد طوال هذه الفترة.

تم النسخ
احصل عليه من Google Play