رأى الصحابة في صلح الحديبية إجحافاً كبيراً، فقد جاؤوا معتمرين، ومُنعُوا بموجبه عن مكة، وأخذتهم غضبة المؤمن حين يغضب الله، حتى أن عمر بن الخطاب قال للنَّبِيِّ ﷺ: لم نعطي الدنية في ديننا ؟! ولكن النبي ﷺ المؤيد بالوحي، والممتلى ثقة بالله كان يعرف أن صلح الحديبية هو أول خطوات فتح مكة. فنادى في النَّاسِ : أَيُّهَا النَّاسُ انحَرُوا ، واحلِقُوا ! فلم يقم منهم أحد، والنَّبيُّ ﷺ يأمرهم مجدداً، ولا يستجيبون! فدخل على أُم سلمة وقال لها : يا أُمَّ سَلَمَةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ ؟! فطلبت منه أن يذبح ويتحلل أمامهم، فإن رأوه فعل سيفعلون وبالفعل قام إلى هديه فذبحه، ثم حلق رأسه، ففعلوا مثلما فعل النَّبيُّ ﷺ يستشير زوجته في قضية دينية وسياسية حساسة لا يستشيرها فقط، بل يأخذ برأيها أيضاً، ليس في الأمر انتقاص للرجولة! ثم يأتيك من يقولُ: شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ ! ذكورية مقيتة، وفهم سقيم لا يمتُ إلى الدين والسنة والمنطق بصلة !