بسم الله والحمد لله؛ لن تَنتَكِس دفعة واحدة، ولكن بالتدرِج سأخبركم قصة قصيرة جدًا مؤلمة: كان عبدًا مؤمنًا طائعًا لربه زاهدًا في الدنيا، يُقيم الليل كله، يبكي فيه ويستغفر ربه على ذنبه، ثم تنازل عن شيء يسير في الدين -لعله لم يكن حرامًا- ثم توالت التنازلات، فترك أذكاره وحفظه وورده اليومي والنوافل وقيام الليل وصيام السُّنة ولم يعُد قلبه يتألم عند سماع الموسيقى والمعازف في الشوارع وفي وسائل المواصلات، وراح قلبه للدنيا فعاد مرة أخرى يغضب ولا يكظم غيظه، ويتصرف بطيش ولا يرى الصواب وعاد مرة أخرى لحياته قبل الإلتزام، مات قلبه وعميت بصيرته فأصبح لا يرى، وفيما ينفعه نور العين إذا عميَ القلب؟ ثم راح ينام عن صلاة الفجر، ويؤخر صلاة الفريضة! وما أعظم مصيبة هذا العبد! وإنا لله وإنا إليه راجعون! ليت ما أصاب الفتى كان في بدنه، وهي السلامة، ولكن ما أصابه كان في قلبه وهي المُصيبةُ الكبرى، فعظُمت الفتنة وأصابت وإن كانت حقيرة ضعيفة لا تؤثر في أنصاف المؤمنين إذا رأيتم مثل هذا، فعزوه وأحسنوا العزاء، وانصحوه بخلوة أقلها شهر يقف فيها على عتبة باب الملك يرجوه أن يعيده كسابق عهده في الإلتزام، وأن يرده إليه ردًا جميلًا وإن لم يكن، فليرده إليه عنوةً، فموت القلب لا يعلم دواءه إنس ولا جان، فاذهب لربك الذي خلقك، يُحيِّه لك، أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ وأعيذكم بالله من موت القلب! والتي أعظم منها وأمَّر، أن يموت بعد أن ذاق حلاوة الإيمان ولذة العبادة! أوَّهْ!