السّلام عليكَ يا صاحبي، تقول لي: كان عاماً سيئاً والحمدُ لله أننا نجونا منه، إن كنت تقصد بالنجاة أننا لم نمت، فقد نجونا فعلاً! ولكني لا أفهم النجاة غير أن نجتاز الصراط إلى الجنة! ما عدا ذلك انتصارات فارغة! يا صاحبي، ليس نصراً أن تعيش، ولا هزيمة أن تموت! الفكرة في كيف تعيش، وعلى أي شيء تموت! لا أدري لماذا وأنا أكتبُ إليك الآن، خطر في بالي مصعب بن عمير يوم أُحد، مصعب فتى قريش الوسيم والثري والمدلل، ممدد على رمال الصحراء بانتظار أن يحفروا له قبراً، ثم إنهم لم يجدوا له كفناً ساتراً، كانوا إذا غطوا رأسه انكشفت رجلاه، وإذا غطوا رجليه انكشف رأسه! بحسابات الدنيا، تبدو ميتة كهذه مقارنة بحياة مرفهة سابقة، مجرد نهاية بائسة! ولكن الحقيقة أن ذلك اليوم كان أسعد أيام مصعب بن عمير! إن كانت الحياة نجاةً فما أكثر الناجين، وإن كان الموت هزيمة، فكلنا سنُهزم نهاية المطاف يا صاحبي! ما يجب أن نحفل به هو كيف ستكون الليلة الأولى في القبر؟! روضة من رياض الجنة، أم حفرة من حفر النار! تخيَّلْ معي بساطة الأمر وتعقيده على السواء! شهادة الدكتوراة التي تحملها لن تنفعك يومها، ما لم يكن قلبك قد حفظ جيداً، درس الصف الأول الابتدائي: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والسّلام لقلبكَ