(في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيرا عن البيت و أتأخر في العودة، و كان ذلك يغضب أمي كثيرا ؛ لأنني لا آكل في البيت، و لأنني كنت أقضي معظم النهار نائما و لا أعود ليلا إلا متأخرا بعدما تنام أمي، فما كان منها إلا أن بدأت تترك لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة، وهي عبارة عن إرشادات لمكان الطعام و نوعه، و بمرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المتسخة في الغسيل و تذكير بالمواعيد المهمة، و هكذا مرت فترة طويلة من مراهقتي على هذا الحال... و ذات ليلة عدت إلى البيت، فوجدت الرسالة المعتادة على الثلاجة، فتكاسلت عن قراءتها، و خلدت للنوم، و في الصباح فوجئت بأبي يوقظني و الدموع في عينيه....! لقد ماتت أمي!!! نعم لقد ماتت أمي!!! كم آلمني الخبر و تماسكت حتى دفناها و تقبلنا العزاء، و في المساء عدت للبيت و في صدري بقايا قلب من كثرة الأحزان، و تمددت على سريري، و فجأة قمت منتفضًا، لقد تذكرت رسالة أمي التي على الثلاجة، فأسرعت نحو المطبخ و خطفت الورقة، و قرأتها، فأصابني حزن شديد، هذه المرة لم يكن بالرسالة أوامر و لا تعليمات و لا نصائح! فقد كان مكتوبا فيها فقط: أشعر اني متعبة عندما تاتي ايقظني لتاخذني للمشفى.). [وقضى ربُكَ آلآ تعبدوا إلآ إياه وبالوالدين إحسانا]. أحسن معاملتك لوالديك واطلب الرضا منهما قبل فوات الأوان!