في الثواني التي التقت فيها عيوننا.. في مدةٍ ضحلة من عمرِ الوقت.. حدث شيءٌ ما، انهمرت على إثرهِ ذكرياتي، وشعرتُ لوهلةٍ، أنني أريدُ إخبارك عن كلِّ شيءٍ حدث معي، كل التفاصيل الصغيرة التي تنبضُ تحت جلدي، كل الليالي التي أرّقتني، أردتُ إخبارك عن كوابيسي، التي أُعيدُ خوضها مرةً بعدَ أُخرى في منامي المُضطرب، شعرتُ بعطشٍ للثرثرة عن أصدقائي الذين تغيروا على مدى السنين، عن أخطائي التي أُعدِّدُها كل مساء حتى يسلبني النُعاسُ القدرة على التفكير، عن قائمة أُمنياتي الآخذة في الإزدياد، أردتُ أن أُخبركِ عن كل القراراتِ السخيفةِ التي اتخذتها في غَمرة حماسي وكانت وَبالاً عليّ، أن أشتكي من حيرتي الدائمة، وإحباطي من الطريق الذي يسير إليه العالم، أردتُ أن أحكي لكِ الكثير عن الحياة والشعر وكُتبي المفضلة والأفلام التي تُبكيني وتُضحكني عن آرائي التي لا تهمُ أحداً، وقصائدي التي ما زلتُ أكتبها بارتباكِ مُراهقٍ ليسَ متأكدا من أيِ شيء، عن مزاجي الذي يُشبه قطاراً مجنوناً في صُعوده وهُبوطه، وتوتري في التجمعاتِ الكُبرى، لقد أردتْ، في ذلك الطريق الضحل من عمر الوقت، أن نمشي قليلاً ونتحدث كأعزِّ الأصدقاء، لقد أردتُ ذلك بشِدة.