قصص وعبر

لـقـاء.مـع.الـشـجـرة.tt كان عابد من العباد في الأمم السابقة ، يعبد الله دهرا طويلا فجاء قوم فقالوا : إن ههنا قوما يعبدون شجرة من دون الله تعالى ، فغضب لذلك ، وأخذ فأسه على عاتقه ، وقصد الشجرة ليقطعها ، فاستقبله إبليس في صورة شيخ. فقال : أين تريد..رحمك الله ؟ قال : أريد أن أقطع هذه الشجرة. قال : وما أنت وذاك ، تركت عبادتك ، واشتغالك بنفسك ، وتفرغت لغير ذلك. قال : إن هذا من عبادتي. قال : فإني لن أتركك تقطعها. فقاتله ، وما هي إلا لحظات ، حتى طرحه العابد على الأرض ، وقعد على صدره ، فقال إبليس : أطلقني حتى أكلمك. فقام عنه ، فقال إبليس : يا هذا.. إن الله تعالى قد أسقط عنك هذا ، ولم يفرضه عليك ، وأنت لا تعبدها ، وما عليك من غيرك؟ ولله أنبياء في أقاليم الأرض ، ولو شاء لبعثهم الى أهلها و أمرهم بقطعها . فقال العابد : لابد لي من قطعها ، ونابذه القتال ، وتصارعا ، فغلبه العابد ثانية وصرعه وقعد على صدره ، فلما رأى إبليس عجزه وضعفه ، سلك طريق الاحتيال ، وعلم أن هذا الرجل ما دام مخلصا لله فلن تكون قوة في الأرض تغلبه ، أو تثنيه عن عمله... وبالفعل... فقد لجأ إلى أن يغير العابد نيته ، وأن يريد شيئا غير الله وثوابه... فقال له : هل لك في أمر فصل بيني وبينك ، وهو خير لك وأنفع ؟ قال العابد : وما هو ؟ قال إبليس : أطلقني حتى أقول لك ، فأطلقه. فقال إبليس : أنت رجل فقير لا شيء لك... إنما أنت كَلٌّ على الناس يعولونك ، ولعلك تحب أن تتفضل على إخوانك وتواسى جيرانك ، وتشبع وتستغني عن الناس ؟ قال : نعم. قال : فارجع عن هذا الأمر ، ولك علىّ أن أجعل لك في كل ليلة دينارين تجدهما عند رأسك ، إذا أصبحت أخذتهما ، فأنفقت على نفسك وعيالك ، وتصدقت على إخوانك ، فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة التي يغرس مكانها، ولا يضير عُبَّادَها قطعُها شيئا ، ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعُك إياها . فتفكر العابد قليلا فيما قال... ثم قال : صدق الشيخ. وتعاهدا، وحلف إبليس على الوفاء ، ورجع العابد إلى صومعته ، فبات فلما أصبح رأى دينارين عند رأسه ، فأخذهما ، وكذلك في الغد مثل ذلك. ثم أصبح في اليوم الثالث وما بعده ، ولم يجد شيئا ، فغضب ، وأخذ فأسه على عاتقه ومضى إلى الشجرة يريد قطعها ، فاستقبله إبليس في صورة شيخ ، فقال له : إلى أين ؟ قال : أقطع تلك الشجرة. فقال كذبت ؟ والله ما أنت بقادر على ذلك ، ولا سبيل لك إليها. فتناوله العابد ليفعل به كما فعل أول مرة ، وما هي إلا لحظات حتى أخذه إبليس وصرعه ، فإذا هو كالعصفور بين رجليه ، وقعد إبليس على صدره. وقال : لتنتهين عن هذا الأمر أو لأذبحنك ، فنظر العابد ، فإذا لا طاقة له به . فقال : يا هذا ، غلبتني فخل عنى.. وأخبرني كيف غلبتك أولا وغلبتني الآن ؟ فقال : لأنك غضبت أول مرة لله ، وكانت نيتك الآخرة ، فغلبتني بقوة الله ، وهذه المرة غضبت لنفسك وللدينار... فصرعتك.

تم النسخ
احصل عليه من Google Play