للحزن أدب فلا تُفْرِط ولا تُفرِّط، فالافراط فيه يُثقل النفس والتفريط فيه يميت القلب. اجعل حزنك سُلماً للخروج ولا تجعله ثقبا أسوداً يبتلع وجودك، ولا بئرا تقع فيها، واصعد فوق جرحك للأعلى ولا تتركه يسحبك للقاع. لا تحول حزنك لموَجات ذكرى تترى لا تتوقف.. تصفع صفحة القلب كلما التمس غفوة سَكينة فيصحو في جزع. يا بني ادخل إلى حضرة الغياب وساحة الجرح وقد خلعت نعلي الانكسار والغرور، والتحف رداء العزة والإيمان . والتمس بَرء الروح بدلاً من نكأ الجروح، واستَعِدْ ميزان النفس مع تباعد المسافة بينك وبين الآهة الأولى، واحفظ حق القلب في الاستراحة في جنب الله ، واحمد الله على نعمة البشرية والضعف التي فطرك عليها وامْنَح نفسك الوقت كي يلتئم جرحك وإن بقيت آثاره على شغاف القلب كوشم بارز، وتذكر أن الله قد نَبّأك أنه هو وحده من لا ينسى قيوم لا تأخذه سِنة ولا نوم فسلّم له أمرك ووجه له وجهك يرزقك الرشاد. يا بني احفظ خشوع الحزن بالصبر الجميل، واحفظ ثبات القلب بالتسبيح والاستغفار، وتدَبّر العبرة مع بَذل العَبرات، وصُن حرمة الذكرى برعاية الحدود، فإنك لن تكون أحكم ولا أعدل من عليم خبير. يا بني لبشريتك طاقة ولله تدبير، فلا تضع سقف المتاح فوق سقف المباح. يا بني اسأل الله مع الحزن سلاما، ومع عهد الوفاء عزماً والتزاما، ومع السعي قواما، واسأله أن يجعل الحَزَن..سهلا، واعبده واقصده.. وتوكل عليه.. واسجد .. واقترب.