في يوم من الأيام كان بالمدينة تاجر طيب وكان لديه ابن صغير يشكو دائما من التعاسة والحزن وكان التاجر يحاول أن يعمله معنى السعادة فقرر إرساله إلى حكيم معروف في ذلك الزمان وفى الطريق إلى الحكيم مشى الابن الصغير في الصحراء كثيراً وعندما وصل إلى قصر الحكيم وجده قصراً كبيراً فخماً محاطا بالأشجار والحدائق الجميلة كأنه قطعة من الجنة . عندما دخل الولد القصر وجد حول الحكيم جمعا غفيرا من الناس فانتظر كثيرا حتى حان دوره . ثم طرح مسألته على الحكيم : هل يمكنك أن تخبرني عن سر السعادة ؟ أنصت الحكيم بانتباه إلي الشاب فكر قليلاً ثم أجابه : ليس لدي الآن الوقت الكافي لأعلمك هذا السر ولكن يمكنك الخروج والتنزه بين جوانب القصر وعد إلي بعد ساعتين لأعلمك معنى السعادة بشرط أن تأخذ معك ملعقة الزيت هذه وتعود بها دون أن تسقط أي قطرة من الزيت . خرج الشاب وبدأ يطوف بين نواحي القصر مدة ساعتين كاملتين ثم عاد إلى الحكيم . فسأله الحكيم : هل رأيت الحديقة الجميلة المليئة بالورود بالقصر ؟ فأجاب الشاب : لا ! ثم سأله : وهل شاهدت مكتبة القصر الرائعة المليئة بالكتب القيمة ؟ رد الشاب : لا ! ثم سأله : وهل رأيت التحف الرائعة التي تملأ جوانب القصر ؟ رد الشاب : لا ! فسأله الحكيم : لماذا ؟ رد الشاب : ببساطة لأنني لم أرفع عيني عن ملعقة الزيت خوفاً من أن يسقط فلم أشاهد ما حولى بالقصر . قال له الحكيم : إرجع الآن وشاهد كل ما سألتك عنه وعد إلى مرة أخرى . ففعل الشاب كما أمر الحكيم وعاد إليه بعد أن شاهد جمال القصر وروعته . فسأله الحكيم : قل لي الآن ماذا رأيت ؟ فانطلق الشاب يقص عليه روعة ما رأى في انبهار شديد !! فنظر الحكيم إلى ملعقة الزيت بيد الشاب فوجد أن الزيت قد سقط منها . فقال له : أنظر بني هذا هو سر السعادة نحن نعيش في هذه الدنيا وقد خلق لنا الله عز وجل كثيرا من النعم والجمال ولكننا نغفل عنها في كثير من الأحيان ولا نراها وذلك لانشغالنا بهمومنا وصغائر ما في نفوسنا السعادة يا بني هي أن تقدر هذه النعم الجميلة وتستمع بها ولا تنظر إلى همومك الصغيرة فبمجرد أن تلتفت إلى الجمال والنعم سوف يسقط كل الزيت وهو الهم والغم .