قصص وعبر

في قصصهم عِبرة ١٣٠ الطاعون! يروي لافونتين في كتابه خُرافات منتقاة قصةَ حيواناتٍ أُصيبتْ بالطاعون، وهي القصة التي حولها أحمد شوقي فيما بعد إلى قصيدةٍ رائعةٍ. والقصةُ باختصار أن حيواناتِ الغابةِ قد أُصيبتْ بالطاعون، فجمعَ الأسدُ كلَّ الحيواناتِ وأخبرَهُمْ أن كُتبَ الأولين تقولُ أن هذا المرض لا ينزل بالحيوانات إلا بسببِ ارتكابِهم للذنوب، وعلى كل واحدٍ أن يذكر أفعاله، ليعرفوا من هو الجاني، الذي جلبَ الوباء للغابة! قالَ الأسدُ: لقد افترسْتُ غزلاناً كثيرة، وهجمتُ على حظائر فيها البقر، فهل ترون أني مُذنب؟ فقالَ له الثعلبُ: لقد خُلِقْتَ للافتراسِ يا سيدي، أنتَ ملكٌ عظيمٌ، ومرهفُ الحسِّ، تحسبُ أنك السبب، والحقيقةُ أنك أجمل من في الغابة! وهكذا تقدمتْ الحيوانات المفترسة واحداً تلو الآخر، كل يتحدثُ عن هجومه على الحيواناتِ الأُخرى، ثم يسألُ هل أنا مُذنب، فيُسارِعُ الثعلبُ للثناءِ عليه، ويُخبرُهُ أن عمله بسيط وطبيعي، وليس سبباً في الطاعونِ أبداً! وعندما جاءَ دورُ الحمارِ، أخبرهم أنه لا يذكر ذنباً قد اقترفه، ولكن في أحدِ الأيامِ استبدَّ به الجوع، ومرَّ من جانبِ الدَّيرِ، فرأى عُشباً قد نبتَ قربَ جدارِه، فنازعتْهُ نفسه أيأكل منه أم لا، ثم أنه تحت وطأةِ الجوعِ قررَ أن يأكل! عندها قالَ له الثعلب: جاءَ في كتبِ الأوائلِ أنَّ عشبَ الدَّيرِ حرام، أنتَ لا شك سبب هذا الوباء! فأصدرَ الأسدُ حكمَه بتعليقِ الحمارِ في حبلِ المشنقةِ، قُرباناً للشفاء، وليكون عبرةً لمن يُفكرُ في استباحةِ المُحرَّمات! حُجَّةُ القوي قويةٌ ولو كانتْ باطلة، وحجةُ الضعيفِ ضعيفةٌ ولو كانتْ حقاً! هذا ما دأبَ عليه الناسُ منذ فجرِ التاريخ! جِيء للإسكندرِ المقدوني بلصٍّ من لصوصِ البحر، فقالَ له: كيف تسرق أموال الآخرين؟! فقالَ له: أنا أسرقُ أموال الآخرين بسفينةٍ صغيرةٍ فيُسمُّونني لِصاً، وأنتَ تسرقُ أموالَ الآخرين بأسطولٍ كبيرٍ فيُسمونك فاتحاً! جميعنا شاهدْنا في أفلامِ هوليوود بطولة جنودِ المارينز ضد الفيتناميين الأشرار، ولكن الحقيقة أن فيتنام كانتْ مُحتلَّة من قِبل أمريكا، وأن الفيتناميين كانوا أبطالاً يُدافعون عن أرضِهِم. وكما يقولُ المثل الإفريقي: سيبقى الذئبُ بطل الحكايةِ حتى يتسنَّى للخرافِ من يسمع حكايتها أدهم شرقاوي

تم النسخ
احصل عليه من Google Play