قصه دخل رجل صالح السوق ، فاشترى سمكا ووضعه في زنبيل ، فأتاه غلام صغير فقال : يا عمي هل تريد أن أحمله وأوصله البيت ، فقال الرجل : إنك لا تستطيع ، فقال الغلام : إنني أقدر على حمله طالبا العون والمساعدة من الله ، فقال الرجل : دونك هذا احمله ، فحمله الغلام على رأسه ، وسارا في الطريق ، وفي أثناء سيرهما سأله الرجل : ما حملك على هذا العمل وأنت صغير ؟ فقال الغلام : الحاجة يا عمي ، وفي أثناء سيرهما أذن المؤذن مناديا لصلاة الظهر ، فما كان من الغلام إلا أن اتجه إلى المسجد ، ووضع السمك عند باب المسجد ، فاستغرب الرجل من صنيعه ، وسأله ماذا تريد هنا ؟ فقال الغلام : ألم تسمع منادي الرحمن ينادى للصلاة ؟ فقال الرجل : وكيف نصنع بالسمك ؟ إنه سوف يؤخذ . فقال الغلام : هون عليك ، فلن يؤخذ بإذن الله تعالى . وأضاف قائلا : هيا بنا نؤدي الفريضة وبعد ذلك نواصل المسير . فما كان من الرجل إلا أن أجاب الغلام ، ودخلا المسجد ، وأديا صلاة الظهر في جماعة ، وبعد انتهاء الصلاة خرجا ، وإذا بالسمك مكانه لم يأخذه أحد ، فقد حفظه الله تعالى بحفظ الغلام لله – احفظ الله يحفظك. فحمل الغلام الزنبيل وسارا في الطريق متجهين إلى بيت الرجل ، واستأنف الرجل الصالح حديثه معه مستغربا إجاباته، فهو صغير لكنه يتكلم بعقل كبير – فسبحان من خلق الإنسان وعلمه البيان – قائلا له : لعلك تتغدى معنا اليوم . فقال الغلام : إني صائم. فقال الرجل : إذًا تفطر عندنا. فقال الغلام : إذا كان ولابد ، فتأتون به إلى المسجد ، فأنا موجود فيه وقت الإفطار. فانظر أخي القارئ فائدة التربية الإيمانية من الصغر كيف تصنع ؟ جعلت من الغلام رجلا في كلامه وفي قوته ، وفي بحثه عن العمل والكسب ، فما أكل أحد خيرًا من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده. هذه الصورة النادرة لهذا الغلام أضعها أمام شبابنا الذين خيم عليهم الكسل وكثرة النوم ، وضياع الوقت في اللعب واللهو ، وفرطوا كثيرا في الفرائض والواجبات. أقول لهؤلاء الشباب : إن كنتم تريدون القوة فعليكم بطاعة الله ، وإن كنتم تريدون النجاح فعليكم بطاعة الله ، ففيها والله الفلاح والنجاح ، والسعادة والراحة النفسية ، وفيها خيرَا الدنيا والآخرة.🖤♪