قصص وعبر

قصص الصحابة: قصة الصحابي شارب الخمر: لا ينبغي أبدًا أن تحول المعصية بين العبد وبين خدمة الدين ، وهنا نتكلم عن الصحابي أبو محجن الثقفي وهو فارس عربي من بني ثقيف ولد بالطائف ، وقد أسلم حين أسلمت ثقيف في السنة التاسعة من الهجرة ، كان أبو محجن من أولي البأس ومن أشجع الفرسان وكان شاعرًا مطبوعًا ، إلا أنه كان منهمكًا بشرب الخمر بل أنه أوصي ولده في الجاهلية قائلًا : إذا مت فادفني بجوار كرمة ، والكرمة هي شجرة العنب * فإنها تروي عظامي بعد موتي عروقها ، ولا تدفني في الفلاة * فإنني أخاف إذا مت أن لا أذوقها ، وبعد إسلامه كان يقع في شرب الخمر ويتم جلده مرارًا وتكرارًا . ففي عهد الخليفة أبو بكر تم جلده وفي عهد عمر بن الخطاب تم جلده أيضًا كما نفي إلى جزيرة بالبحر وبعث معه رجل ولكنه هرب منه ، وعندما خرج المسلمون لقتال الفرس في معركة القادسية ، خرج معهم أبو محجن وحمل زاده وبالطبع لم ينسى أن يحمل معه زجاجة الخمر . ولما وصل جيش المسلمين وطلب قائد الفرس رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص ، وبدأت المراسلات بينهم عدة أيام ، اختبأ أبو محجن وشرب الخمر ورآه أحد الجنود ، فأخبر سعد بن أبي وقاص فغضب سيدنا سعد بن أبي وقاص لذلك غضبًا شديدًا . وقال له سنعاقبك عقابًا عظيمًا وهو أن نحرمك من المشاركة في هذه المعركة ، فقد كانت خدمة الدين لدى الصحابة هي أسمى أمانيهم فحزن أبو محجن لاستبعاده عن ساحة القتال حزنًا شديدًا ، وأخبر سعد أن يجلدوه أو يعاقبوه كيفما أرادوا ، ولكن لا يحرموه من المشاركة في تلك المعركة ، فأمر سعد بأن يتم جلده جزاءً لشرب الخمر . وبعد ذلك تم ربطة في خيمة وأغلق عليه ثم بدأ القتال ، ورميت النبال وتسابقت الحتوف وضربت السيوف وتصايح الأبطال وسكبت الدماء ، وأبو محجن يئن بقيده في هذه الخيمة ، يتلفت ويريد أن يقوم من قيده ولكن دون جدوى ، بدأ يصيح وينادي بصوتٍ عالٍ فقد كان يريد خدمة هذا الدين ونيل الشهادة في سبيل الله ، وبدأ يقول : كفي حزنًا أن تدخل الخيل بالقني * وأترك مشدودًا على وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وغلقت * مصاريع دوني تصم المنايا يقطع قلبي حسرة أناري الوغى * ولا سامع صوتي ولا يرانيا وأن أشهد الإسلام يدعو مغوثًا * فلا أنجد الإسلام حين دعانيا وقد كنت ذا مال كثير وإخوة * وقد تركوني واحدًا لا أخي ليا وأخذ ينادي بأعلى صوته إلي أن التفتت له زوجة القائد سعد ابن أبي وقاص ، وناشدها بأن تطلق سراحه ليشهد المعركة وأنشد تلك الأبيات قائلًا : سلمي دعيني أرو سيفي من العدا * فسيفي أضحي ويحة اليوم صاديا دعيني أجل في ساحة الحرب جولة * تفرج من همي وتشفي فؤاديا ولله عهد لا أحيف بعهدة * لئن فرجت أن لا ازور الحوانيا وسألها أبو محجن أن تفك وثاقه وعاهدها إن عاش سوف يعود إلى محبسه ، وإن مات فهكذا يكونوا قد تخلصوا منه ، وأخذ يرجوها ويناشدها ففكت قيده وطلب منها فرس سعد بن أبي وقاص ، وكان يسمى البلقاء فلبس درعه وغطى وجهه ، ثم قفز على البلقاء ودخل إلى المعركة وصار يقتل في الكفار يمينًا ويسارًا ويقتحم صفوف الكفار بضراوة منقطعة النظير . وأخذ المسلمون يتعجبون ويقولون من هذا الصحابي الملثم ؟ وقال بعضهم لعله مدد من عمر بن الخطاب ، وقال آخرون لعله ملك من السماء ، وتعجب سعد ابن أبي وقاص أيضًا من أمره فقد كان يشاهد المعركة من مكان عالي جدًا ، ولم يدخل المعركة لأنه كانت بفخذيه قروح شديدة . وظل يشاهد الفارس الملثم من بعيد ويتعجب ويقول : إن كر هذا الفرس هو كر البلقاء والضرب هو ضرب أبو محجن ، ولكن كيف وأبو محجن في الحبس والبلقاء في الحبس أيضًا ، ظل الجميع مندهشين حتى انتهت المعركة وعاد الكفار إلى أماكنهم والمسلمون إلى أماكنهم ، وعاد أبو محجن مسرعًا إلى محبسه ووضع البلقاء في مكانها وربط نفسه كما كان فلما أتى سعد بن أبي وقاص وتوجه إلى فرسه ، فإذا هي ترشح عرقًا ، فتوجه إلى أبو محجن فإذا بأبو محجن تسيل جروحه دمًا ، فقال له سعد أقاتلت ؟ قال أبو محجن نعم قاتلت ، ولك علي عهد الله وميثاقه ألا اشرب الخمر أبدًا ، ليضرب بذلك أروع الأمثلة في الجهاد والرغبة في الموت في سبيل الله

تم النسخ
احصل عليه من Google Play